كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال"، في تقرير خاص، أن إيران بعثت، الشهر الماضي برسالة سرية إلى الرئيس الأميركي، جو بايدن، تضمنت "تعهدًا كتابيًا" و"ضمانة خطية" بأنها لا تعتزم اغتيال دونالد ترامب، الذي كان حينها مرشحًا للانتخابات الرئاسية الأميركية.
وأُرسلت هذه الرسالة بعد الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل، في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقبل أن تشن إسرائيل هجماتها على مواقع الدفاع الجوي ومنشآت إنتاج الصواريخ الإيرانية في السادس والعشرين من الشهر نفسه.
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، في ذلك الوقت، أنها لم تلعب أي دور في الهجوم الإسرائيلي، لكن إدارة بايدن كانت قد عززت قواتها في المنطقة قبل الغارات الجوية الإسرائيلية.
رد طهران على تهديد بايدن الأخير
وفقًا لتقرير صحيفة "وول ستريت جورنال"، فقد أرسلت إيران في 14 أكتوبر الماضي رسالة تضمن فيها عدم تنفيذ أي محاولة لاغتيال ترامب، ردًا على تحذير خطي أرسلته الولايات المتحدة في سبتمبر (أيلول) من هذا العام.
وبحسب المسؤولين الأميركيين، فإن بايدن أبلغ طهران في رسالته أن إدارته تعتبر التهديدات ضد ترامب قضية أمن قومي كبرى، وستتعامل معها كعمل حربي.
رسالة بايدن تصل إلى خامنئي
أكد مسؤولون أميركيون أن رسالة واشنطن وصلت إلى المرشد الإيراني، علي خامنئي، لكنهم لم يكشفوا عن الوسيط الذي استُخدم لإرسال هذه الرسائل.
وقال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، بعد يومين من هذه الرسالة: "كان هناك مسار يُعرف بمسار مسقط يتعلق بالمفاوضات النووية، لكنه متوقف حاليًا. ومع ذلك، لا يزال هناك تبادل للرسائل ونقل وجهات النظر عبر قنوات مختلفة، وسنستخدمها إذا دعت الحاجة".
وبحسب مصادر "وول ستريت جورنال"، فإن رد طهران لم يكن موقّعًا من مسؤول بعينه، لكنه كرر اتهام ترامب بارتكاب "جريمة" لإصداره أمر اغتيال قائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني.
ويسعى النظام الإيراني، منذ فترة، لاغتيال مسؤولي إدارة ترامب السابقة المتورطين في اغتيال سليماني، والمسؤولين عن سياسة الضغط الأقصى على طهران.
ومن بين هؤلاء، وزير الخارجية السابق، مايك بومبيو، والمسؤول عن "مجموعة العمل الخاصة بإيران"، براين هوك، ومستشار الأمن القومي السابق، جون بولتون. هؤلاء الثلاثة ظلوا تحت حماية جهاز الخدمة السرية الأميركية؛ بسبب تهديدات جدية على حياتهم، حتى بعد مغادرتهم مناصبهم.
ولم يعلق المسؤولون الأميركيون أو فريق ترامب على ما إذا كان الرد الإيراني قد أُبلغ إلى ترامب أم لا، كما امتنعت البعثة الدبلوماسية الإيرانية في نيويورك عن التعليق.
وقبل نشر هذا التقرير، نقلت صحيفة "نيويورك تايمز"، يوم أمس الخميس، 14 نوفمبر (تشرين الثاني) عن مسؤولين إيرانيين، طلبا عدم الكشف عن هويتيهما، أن مستشار الرئيس الأميركي المنتخب، إيلون ماسك، اجتمع مع سفير إيران لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرواني، يوم الاثنين الماضي لبحث سبل تقليل التوترات بين طهران وواشنطن.
خطط طهران لاغتيال ترامب
كانت وزارة العدل الأميركية، قد قدمت، خلال الأسبوع الماضي، تفاصيل حول الادعاءات المتعلقة بمخططات عملاء إيرانيين لاغتيال ترامب، قبل إعادة انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة.
واتهم المدعون الفيدراليون في أغسطس (آب) الماضي، رجلاً باكستانيًا بالتواصل مع مسؤولين بالنظام الإيراني، للتخطيط لقتل ترامب، مما دفع الأجهزة الأمنية الأميركية إلى تكثيف جهودها لضمان أمن ترامب، أثناء حملته الانتخابية.
وبعد الحصول على معلومات حول مؤامرة طهران لاغتيال ترامب، قامت إدارة بايدن بتعزيز الحماية المقدمة له من قِبل الخدمة السرية.
وقد نفت طهران مؤخرًا قيامها بأي محاولة لاغتيال ترامب؛ حيث وصف وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، هذه الاتهامات بأنها "كوميديا من الدرجة الثالثة".
ضمانات طهران.. ونهج ترامب الناعم
قدمت طهران ضمانات في وقت حساس، قبيل الانتخابات الرئاسية الأميركية؛ حيث تطرق ترامب في الأيام الأخيرة من حملته الانتخابية عدة مرات إلى نهج إدارته الثانية تجاه النظام الإيراني، وأرسل رسالة تصالحية.
وأشار ترامب إلى أنه لا يسعى لتغيير النظام في طهران أو الدخول في صراع معه، لكنه شدد على أن الحكومة الإيرانية يجب أن لا تنتج أسلحة نووية.
وأفاد بعض المقربين من المسؤولين الإيرانيين لصحيفة "وول ستريت جورنال" بأن طهران تسعى لتجنب المواجهة مع إدارة ترامب المقبلة. من جانبهم، وعد بعض المسؤولين في إدارة ترامب بالعودة إلى سياسة "الضغط الأقصى"، التي اتبعها في ولايته الأولى، وهي السياسة التي أدت إلى أزمة اقتصادية عميقة في إيران.
وقال ريتشارد نيفيو، أحد الأعضاء البارزين في إدارة بايدن، الذي كان يعمل على إحياء الاتفاق النووي مع إيران، إن ضمانات طهران لن تُحدث تغييرًا في صعوبة استئناف المفاوضات الجادة بين إدارة ترامب والنظام الإيراني.