أكد مدير إدارة التعليم بمدينة كازرون، جنوب إيران، أمير حسين جمشيدي، خبر انتحار التلميذة آيناز كريمي، البالغة من العمر 17 عامًا، نتيجة تعرضها للتهديد والتعنيف من قِبل مديرة مدرستها؛ بسبب "عدم التزامها بالآداب العامة" و"طلاء أظافرها وصبغ شعرها"، وأوضح أن التحقيق جارٍ في الموضوع.
وأشار جمشيدي، اليوم السبت 9 نوفمبر (تشرين الثاني)، إلى أن التلميذة أقدمت على الانتحار في 27 أكتوبر (تشرين الأول)، في مخزن منزل والدها، وأن الجهات القضائية تُجري تحقيقاتها، ولم يصدر بعد أي تصريح رسمي حول النتائج.
مجلس نقابة المعلمين يتناول تفاصيل القضية
كان مجلس تنسيق نقابات المعلمين، قد أصدر تقريرًا، أوضح أن آيناز كريمي، وهي تلميذة في الصف الثاني عشر، واجهت قبل أيام في قريتها "دريس"، التابعة لمحافظة كازرون، تهديدات وعنفًا من مديرة مدرستها؛ بسبب "عدم التزامها بالآداب العامة"، على خلفية طلاء أظافرها وصبغ شعرها، وذكر التقرير أن مديرة المدرسة، السيدة رحيمي، استدعت شقيق آيناز، وطلبت منه إخراجها من المدرسة.
ووفقًا للمجلس، فإن ضغوط العائلة ومراعاة التقاليد الصارمة أدت إلى نهاية مأساوية بانتحار آيناز، وأعرب المجلس عن استيائه من عدم وجود أي متابعة رسمية، قائلاً: "إدارة التعليم في كازرون ومسؤولوها فضلوا الصمت بدلاً من الدفاع عن حقوق التلاميذ، وحرصوا على مناصبهم فحسب".
وطالب المجلس بأن ينتهي نهج إخفاء الحقائق بشأن هذه الحوادث، مؤكدًا ضرورة التصدي لهذه الجروح الاجتماعية العميقة وتحليل أسبابها واتخاذ خطوات للوقاية منها. وأشار إلى أن أسلوب التعامل الأيديولوجي والقمعي داخل المدارس لا يضر بمستقبل التلاميذ فحسب، بل يؤدي إلى فقدانهم لحياتهم وحماسهم.
كما دعا المجلس إلى إنهاء السياسات الأيديولوجية ووقف النظرة التسلطية نحو التلاميذ، واحترام حرياتهم الفردية وحقوقهم الإنسانية، مشددًا على ضرورة أن تتخلص منظومة التعليم من القمع والرقابة الأيديولوجية، وتتبع نهجًا إنسانيًا يركز على احتياجات التلاميذ التعليمية.
انتحار تلميذة أفغانية بسبب ضغوط مشابهة في طهران
تأتي هذه الحادثة بعد أيام قليلة من تقرير نشرته وكالة "ركنا" الإيرانية، في 5 نوفمبر الجاري، أكد انتحار الطالبة الأفغانية، آرزو خاوري، 16 عامًا، في مدينة ري جنوب طهران، بعد تعرضها لضغوط من قِبل إدارة مدرستها بسبب "فرض الحجاب الإجباري"، مما دفعها إلى إنهاء حياتها.
وصرّح والد آرزو بأن إدارة المدرسة قد ضايقت ابنته مرارًا؛ بسبب ارتدائها بنطالاً من الجينز بدلاً من اللباس المدرسي الرسمي، وأن المضايقات تكررت العام الماضي بسبب ظهور جزء من شعرها.
وعقب انتشار تقرير عن انتحار التلميذة الأفغانية، آرزو خاوري، والتفاعل الواسع على وسائل التواصل الاجتماعي، أكدت إدارة التعليم في محافظة طهران وفاتها، في بيان، أوضحت فيه أن "التلميذة توفيت بعد سقوطها من مبنى سكني، ونُقلت فورًا إلى المستشفى، حيث فارقت الحياة لاحقًا".
وقد أثارت هذه الحوادث انتقادات واسعة حول تأثير الضغط القمعي في المدارس على التلاميذ وعلى صحتهم النفسية، ودعت العديد من الأصوات إلى اتخاذ إجراءات لضمان بيئة تعليمية تحترم حريات التلاميذ وحقوقهم الإنسانية.
تكرار المضايقات بسبب الحجاب
وقد توجهت قناة "إيران إنترناشيونال" بالسؤال إلى متابعيها عن تجاربهم مع فرض الحجاب على تلميذات المدارس، تزامنًا مع حوادث الانتحار الأخيرة؛ حيث كشف العديد من المواطنين عن تجارب سلبية ومضايقات متكررة، وذكروا أن هذه الضغوط ستستمر، ما لم يكن هناك تضامن واسع لمواجهتها.
ووصفت إحدى الطالبات خوفها الدائم من الإدارات المدرسية، قائلة: "كنا دائمًا نشعر بالخوف من المشرف في المدرسة، حتى المعلمات كن يراقبن التلميذات بعناية في الصفوف، التي لم تكن فيها كاميرات، وكأننا ارتكبنا جريمة، وكنا نرتدي الحجاب بسرعة خوفاً من الطرد".
وأشارت مواطنة أخرى إلى وجود بعض المعلمات أو المشرفات اللاتي يتبعن تعليمات النظام بشدة، وأحياناً يكن "أكثر تشددًا من النظام نفسه".
وأكدت مواطنة أخرى أن التشدد في القواعد كان أقسى خلال سنوات الثمانينيات، قائلة: "في تلك الفترة، لم يكن مسموحًا لنا بارتداء سترات أو جوارب بألوان زاهية، وكان يجب أن تكون أرجل البنطلونات واسعة. وقد طُردت من المدرسة لثلاثة أيام لمجرد إحضاري مجلة رياضية".
وأفادت سيدة لديها حفيدة في الصف الرابع بأن الطفلة تشتكي باستمرار من معلمتها، التي تنتقد حجابها أو زيها المدرسي، وقالت: "هذه الانتقادات تشتت انتباهها عن الدراسة، وتؤثر على مستواها التعليمي سلبًا، خاصة مع كلفة التعليم الباهظة".
وأبدى آخرون استياءهم من فرض الحجاب، معبّرين عن أن المشكلة تتعدى ذلك لتشمل فرض أفكار متشددة، مثل منع ارتداء الجينز أو طلاء الأظافر بحجة أنه "حرام".
كما أوضحت إحدى الأمهات، التي لديها ابنتان في المرحلة الثانوية، أن "المدرسة في ظل النظام الحالي تحولت إلى ثكنة عسكرية، ما يسبب قلقًا ويؤدي إلى معاناة نفسية للتلميذات".
واختتمت متابعة أخرى تعليقها قائلة: "الضغط والإجبار دائمًا لهما أثر عكسي، كمن يضع قدمًا على الثعبان ويضغط، فإنها ستلدغ حتمًا، وهكذا الإنسان، لن يتحمل وسيجد طريقة للتعبير عن غضبه بطريقة مختلفة".
زيادة الضغوط على التلاميذ في المدارس
وقد تزايدت التقارير حول تصاعد الضغوط، خلال الأشهر الماضية، على تلاميذ المدارس، وخاصة التلميذات، لإجبارهن على الالتزام بالحجاب الإجباري، وتصاعدت شكاوى من التعامل القاسي من قِبل بعض الإدارات التعليمية.
وكان وزير التربية والتعليم الإيراني، علی رضا كاظمي، قد قال في خطابه بمناسبة بدء العام الدراسي، الشهر الماضي: "إن أولويات الوزارة تتضمن إقامة الصلوات والأنشطة الدينية"
ومن جانبه، أوضح مساعد الوزير للشؤون التربوية والثقافية، محمد حسين پورثاني، في تصريحاته، يوم 25 إبريل (نيسان) الماضي، أن هناك 16 مشروعًا متعلقًا بـ "العفة والحجاب" يتم تنفيذه في المدارس، مؤكدًا أننا "نريد أن تكون الفتاة الإيرانية فاعلة في المجتمع".
وفي السياق نفسه، وصلت إلى قناة "إيران إنترناشونال" مقاطع فيديو تظهر احتجاج تلميذات مدرسة "كمالی دهقان" للبنات في بلدة "رازي" بمدينة كرج، حيث رفضن الدخول إلى الصفوف واعتصمن في ساحة المدرسة، دون ارتداء الحجاب، اعتراضًا على ضغوط إدارة المدرسة لإجبارهن على الحجاب الإجباري.
وكان المرشد الإيراني، علي خامنئي، قد أكد، في وقت سابق، ضرورة الالتزام بالحجاب الإجباري، داعيًا الجهات الحكومية إلى اتخاذ خطوات أكثر فاعلية في هذا الإطار.