تكبر الضغوط على لبنان بشكل واسع سواء كان ذلك على المستوى الداخلي أو الدولي، وتظل الملفات عالقة بلا أي حلول بسبب ربط حزب الله الساحة اللبنانية بغزة.
تهديد إسرائيلي لهجته جديدة، يؤكد عزمها على احتلال مناطق لبنانية إن لم ينسحب حزب الله، حيث قال وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، لنظيره الفرنسي ستيفان سيجورنيه، إنه في حال لم ينسحب حزب الله فإن إسرائيل "ستكون قريبة من حرب شاملة" معه.
وتابع كاتس: "إسرائيل ستحارب حزب الله في كل أرجاء لبنان، وستحتل مناطق واسعة في الجنوب اللبناني، وستبقى هذه المناطق تحت سيطرة الجيش كمنطقة أمنية".
ملف جديد أيضا برز على الساحة اللبنانية، وهو الخوف من نقل قادة حماس إلى لبنان، بعد تخلي تركيا وقطر عنهم.
هذا ما عبر عنه قائد القوات اللبنانية السابق فؤاد أبو ناضر، في تصريح له عن "سماح حزب الله لحركة حماس مجدّداً بمعاودة إطلاق الصواريخ من الجنوب باتّجاه إسرائيل،" مشدّداً على "رفض بقاء الجنوب أرضاً سائبة للفلسطينيين وغيرهم، ويتصرّفون فيها كأنّها حماس لاند".
وقال: "نخشى ما نخشاه أن يكون حزب الله يُحضِّر الأرضية لانتقال مسؤولي حماس وكوادرها من قطر وغزة إلى لبنان".
تخوفات انتقال قادة حماس إلى لبنان
وحول التخوفات من انتقال حركة حماس إلى لبنان بعد رفض تركيا استقبالها؟ أكد الباحث والكاتب السياسي الدكتور ميشال الشّمّاعي لـ"إيران إنترناشيونال" أن مَن يقرّر في هذا السياق هو الحكومة اللبنانية؛ والكلّ يعلم أنّ هذه الحكومة مُسيطَرٌ عليها من قبل منظمة حزب الله، حليفة حماس.
وأضاف: احتمال موافقة الحكومة على مثل هذا الاقتراح وارد بنسبة كبيرة، وقد يكون المقترَح يقضي بحصر وجود حماس في أحد المخيمات الفلسطينية، على الأرجح مخيم عين الحلوة؛ لجعل هذا المقترح مقبولًا.
وأكد أن أي اقتراح من هذا النوع هو مرفوض جملة وتفصيلًا، وقد لا تقبل به المعارضة الوطنيّة اللبنانيّة؛ وباعتقادي سيواجَه بكلّ الوسائل السياسيّة المتاحة، وإن اقتضى الأمر قد يتحرّك الشارع المعارِض للضغط على الحكومة كي لا تقبل هذه المقترحات.
وتابع: حتّى التوجّه إلى المجتمع الدولي ممكن أيضًا في هذه الحالة، لتجنيب لبنان المزيد من "تقنين" الاعتداء عليه من قبل العدو الإسرائيلي خدمة لمحور الممانعة.
وأوضح الباحث والكاتب السياسي الدكتور ميشال الشّمّاعي أنه بنهاية المطاف، فأي اعتداء تتعرّض له الدولة اللبنانية من قبل العدو الإسرائيلي لن يكون في خدمة القضية الفلسطينية، القضية المحقّة والأسمى إنسانيًّا، ولا بالطبع في خدمة مشروع الدولة في لبنان، بل ذلك سيعزّز نظرية تدمير الدولة خدمة لمشروع "الدويلة" التي باتت بحدّ ذاتها هي الدولة نتيجة تضامن حلفائها اللبنانيين معها. من هذا المنطلق، أي ضربة للبنان ستكون ضربة معلّلة لأنّها ضربة لدولة حزب الله.
وأوضح الشّمّاعي أنه أمام هذه المستجدّات، نأخذ التهديد الإسرائيلي على محمل الجدّ، ولا سيّما أن العدو لم يعد يكترث لانسحاب جزئي لمنظمة حزب الله بضمانات دولية؛ وما عزّز هذه الفرضيّة أكثر هو نعي منظمة حزب الله المبادرة الفرنسيّة الثانية. وهذا ما سيدعم وجهة نظر العدو الإسرائيلي أكثر بالقضاء على بنية منظمة حزب الله العسكرية بالكامل، تماهيًا مع ما قام به مع حركة حماس في غزّة.
وأشار إلى أنه على ما يبدو فإنّ مشروع تصفية قادة الحزب الذي بدأ بعد إعلان هجوم السابع من أكتوبر الاستباقي- كما أسمته المنظمة- آيل إلى الاستكمال والتصعيد. ففرضية تكثيف الضربات مرتفعة جدًّا. ولا يمكن استبعاد فرضية أي دخول عسكري إلى جنوب لبنان. لكن باعتقادي أنّ ذلك لن يتمّ إلا قبل الانتهاء من عملية رفح التي باتت خطوطها واضحة.
وحذر من أنه في هذه الأثناء، قد يستمرّ العدو بتدمير ما يستطيعه من بنى تحتية عسكرية لمنظمة حزب الله، واغتيال قادتها، تمهيدًا للمرحلة التالية التي قد تكون الدخول العسكري.
وأكد الدكتور ميشال الشّمّاعي أنه يمكن تجنّب تجرّع هذه الكأس بالكامل في حال أعلنت منظمة حزب الله تسليم سلاحها بالكامل إلى الدولة اللبنانية تنفيذًا للقرار 1701، وهذا باعتقادنا يعتبر بمثابة انتحار وجودي لمنظمة حزب الله، لأنّه يناقض مشروعها الأيديولوجي وعلّة وجودها. لذلك نقول: حمى الله لبنان.