مركز أبحاث يناقش أسباب ضعف المعارضة الإيرانية رغم الانتفاضة الشعبية العارمة

Saturday, 02/11/2023

نشر موقع مركز واشنطن للأبحاث تقريرا حول عيوب المعارضة في انتفاضة الشعب الإيراني ضد نظام الجمهورية الإسلامية، وحاول التقرير التركيز على الإجابة عن تساؤل محوري هو: ما أسباب ضعف المعارضة الإيرانية رغم الانتفاضة الشعبية العارمة والرفض الواسع للنظام؟

وأشار التقرير إلى أن هذا الضعف يأتي في حين "يتردد صدى شعار (المرأة، الحياة، الحرية) في إيران والعالم منذ حوالي 5 أشهر، ورغم تشكيل تضامن غير مسبوق لإحداث التغيير في إيران".

وفي السياق، قال بعض المحللين إن تغيير النظام في إيران سيحدث بسرعة، لكن مطالبة الشعب بإسقاط النظام لا يمكن أن تتحقق إلا عند تشكيل نوع من القيادة المركزية، أي القيادة الوطنية، التي تتكون من مجموعات وأفراد معارضة. لكن بعد ما يقرب من 5 أشهر، لم تستطع قوى المعارضة الإيرانية خلق قيادة ومشاركة ذات مغزى في ساحة الانتفاضة.

ويمكن تقسيم مجموعات المعارضة في إيران إلى 6 مجموعات عامة، هي: المجموعات العرقية، والقوميون، والملكيون، واليساريون، والمسلمون التقدميون، والمجاهدون. ولكن حتى داخل هذه الجماعات نفسها، هناك درجة عالية من التنوع الآيديولوجي.

وتتكون المعارضة الإيرانية أيضًا من العديد من الشخصيات المؤثرة التي ليست بالضرورة متحالفة مع أي من الأحزاب والجماعات المذكورة، لكنها في الوقت نفسه ضد نظام الجمهورية الإسلامية.

ومن بين هؤلاء، يمكن رؤية أسماء شخصيات مثل رضا بهلوي، وحامد إسماعيليون، وعلي كريمي، وشيرين عبادي، ونازنين بنيادي، ومولوي عبد الحميد إسماعيل زاهي، ويمكن أيضًا إدراج أسماء العديد من الكتاب والمثقفين والفنانين والناشطين المشهورين في هذه القائمة.

وهناك الكثير من الأصوات المناهضة للنظام الإيراني لدرجة أنها لا تعد ولا تحصى. كل هذه المجموعات، رغم أنها متفقة على معارضة النظام، منذ فترة طويلة، لكنها في الداخل ومع بعضها البعض تعاني من نقص في التنسيق. إن اختلاف هذه المجموعات في تنظيم الوضع المعقد الحالي وتكييف الاستراتيجيات مع الظروف القائمة هو عقبة في طريق التضامن.

وعلى الرغم من أن جماعات المعارضة في إيران كانت دائمًا مُجمعة على المطالبة بإسقاط النظام، إلا أنه يبدو أن لديهم اختلافًا في الرأي حول كيفية حدوث هذه الإطاحة، وأصبح هذا الاختلاف في الرأي أكثر بروزًا في الاحتجاجات الأخيرة في إيران.

اثنان من أوجه القصور الرئيسية للمعارضة

اتخذت المعارضة إجراءات متأخرة، في تنظيم وقيادة الاحتجاجات الأخيرة في إيران، وكانت متخلفةً عن الحراك الشعبي بعدة خطوات. وهذه الظاهرة تؤكد على عيبين طويلي الأمد للمعارضة الإيرانية:
1- الخلافات داخل الجماعات والأحزاب وفيما بينها تسبب عدم التنسيق في الإجراءات داخل إيران وخارجها.
2- مثل هذه الخلافات تحبط أي عمل لفصائل المعارضة لتشكيل قيادة في إيران قادرة على دفع الحراك الشعبي في هذا البلد.

يعود هذا النقص- كما يرى التقرير- في التنسيق إلى عدة أسباب: من ناحية، فإن جماعات المعارضة الإيرانية مقيدة بآيديولوجيتها الخاصة. على سبيل المثال، تعتبر منظمة مجاهدي خلق نفسها التنظيم الوحيد الذي يمكن أن يكون قائدا للثورة الإيرانية المستقبلية، ونتيجة لذلك، لا ترى ضرورة الاتحاد مع القوى الأخرى أو حتى محاولة التنسيق معها في الاحتجاجات.

ويضيف التقرير: "هذا على الرغم من حقيقة أن هذا التنظيم لم يكن في جعبته أي شيء خلال الاحتجاجات الأخيرة في إيران، ولا يوجد دليل على أنه تم رفع شعار واحد لصالح هذه المجموعة خلال الاحتجاجات الأخيرة".

ومن ناحية أخرى، فإن بث الفرقة بين المعارضة الإيرانية- حسب التقرير- هو جزء من استراتيجية نظام الجمهورية الإسلامية لتقليص نفوذ المعارضة. كما أن إثارة الخلافات بين هذه المجموعات من الأساليب المعتادة للنظام لتحقيق هدف "فرق تسد".

وخلال الاحتجاجات الأخيرة، لجأ النظام الإيراني أيضًا إلى رواية تصف المتظاهرين بـ"الانفصاليين" وبذلك عزل بعض جماعات المعارضة، بما في ذلك الجماعات العرقية، عن بقية المجموعات.

كما يروج النظام لرواية كاذبة تقلل من رغبة الشعب الإيراني في الإطاحة بنظام الجمهورية الإسلامية إلى إلغاء الحجاب الإجباري.

وعلى الرغم من أن جماعات المعارضة العرقية متحدة، إلا أن التنسيق على نطاق واسع مع جماعات المعارضة الأخرى يبدو بعيد المنال بعض الشيء في الوقت الحاضر.

القيادة الوطنية والحركة الاحتجاجية الجديدة

ورغم ما قيل، فإن فصائل المعارضة تدرك أهمية العمل الموحد وضرورة تشكيل تحالف، وقد أقرت به وشددت عليه في الآونة الأخيرة. ومع ذلك، فإن إظهار التضامن الوطني في حد ذاته لا يكفي لتشكيل قيادة وطنية (وهو مطلب لتحقيق الحرية).

أساليب إنشاء القيادة الوطنية

حسب اقتراح بعض الخبراء، يجب أن تنبثق القيادة الوطنية بشكل عفوي وعضوي من قلب الانتفاضة الوطنية، لكن بعض الخبراء الآخرين يرون أن القيادة يجب أن تنبع من قرار وتخطيط وإرادة النخب الديمقراطية (المرتبطين بالحراك الشعبي).
وعلى الرغم من أن هذين الرأيين قد نوقشا كثيرًا في الأشهر القليلة الماضية، إلا أن الكاتب يعتقد أن الطريقة الثانية أكثر استقرارًا واستمرارية، والتي للأسف لا تبدو عملية للغاية في الوضع الحالي لإيران.

يوجد في انتفاضة اليوم في إيران العديد من القادة الذين لم يتمكنوا في بعض الأحيان من خلق الانسجام في مجموعاتهم وفروعها؛ ناهيك عن أنهم يستطيعون توفير تحالف على المستوى الوطني.

لكن تأسيس قيادة وطنية في إيران- حسب التقرير- يعتمد على الاتفاق الجماعي للعديد من الأحزاب والأفراد الذين يريدون أن تنتقل إيران إلى الديمقراطية.

مزيد من الأخبار